Skip to Content

المحاسب القانوني شريك صامت في حماية الاقتصاد الوطني


المحاسب القانوني شريك صامت في حماية الاقتصاد الوطن

رضوان احمد مطالقه


المحاسب القانوني شريك صامت في حماية الاقتصاد الوطنيي


رضوان احمد مطالقه

في زمن تتزايد فيه تعقيدات الاقتصاد العالمي، يبرز دور المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) بوصفه شريكاً صامتاً لا غنى عنه في حماية الثقة المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. فالمحاسب القانوني (مدقق الحسابات) لا يقتصر دوره على تسجيل الأرقام أو تنظيم الدفاتر، بل يمتد ليكون الحارس الأمين على نزاهة المعاملات، والضامن لشفافية البيانات التي يقوم عليها الاستثمار والنمو.


تدقيق الحسابات ليست مهنة من لا مهنة له، بل هي مهنة مبنية على التأسيس الأكاديمي المعرفي المتخصص مثل المهندسين والأطباء، لها دراستها المتخصصة، ولكي تكون محاسباً قانونيا معتمداً فهناك ما بعد الدراسة متطلبات مهنية وامتحانات ذات معايير دولية، تجعل المحاسب القانوني معتمدا لإبداء رأيه على عدالة او عدم عدالة البيانات المالية.


الواقع الأردني

في الأردن، يتوزع المشهد الاقتصادي بين قطاع عام تديره وزارات وهيئات متعددة، وقطاع خاص يضم آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. وفي قلب هذه المنظومة يقف المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) المعتمد والمؤهل أكاديمياً ومهنياً ليضمن أن الميزانيات والبيانات المالية تعكس الواقع بدقة وشفافية. ورغم أن عدد المحاسبين القانونيين (مدققي الحسابات) في المملكة لا يتجاوز 800 مدقق فقط، فإن عملهم يتقاطع مع أكثر من 45 ألف شركة ومؤسسة ملزمة في اعداد البيانات المالية وتدقيقها من محاسب قانوني (مدقق حسابات). وهذا يعني أن مسؤولياتهم ليست مهنية فحسب، بل وطنية أيضاً، إذ ترتبط بشكل مباشر بحماية الخزينة العامة وصون حقوق المستثمرين والمقرضين وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني.


التحديات الراهنة

ومع ذلك، فإن هذه المهنة (تدقيق الحسابات) الحيوية تواجه تحديات متعددة. فانتشار مكاتب الاستشارات غير متخصصة تعمل في مجال المحاسبة والضرائب دون الالتزام باي معايير مهنية يتضارب مع الية عمل المحاسبيين القانونيين (مدققي الحسابات) و يؤدى إلى منافسة غير عادلة وانخفاض في جودة الخدمات. كما أن التحول الرقمي لا يزال متواضعاً لغياب الشراكات والمرجعية الواحدة بين الجهات الرقابية، فعلى الرغم من إطلاق نظام الفوترة الوطني وربطه بدائرة ضريبة الدخل والمبيعات، الا انه ما تزال آليات أرشفة الميزانيات والبيانات المالية المدققة تعتمد إلى حد كبير على الإجراءات اليدوية، الأمر الذي يضعف من كفاءة حفظ المعلومات ويجعل الوصول إليها وتحليلها عملية معقدة. ويترتب على ذلك انعكاسات مباشرة على الاقتصاد، إذ إن أي تقرير مالي غير مدقق بدقة قد يعني ضريبة غير محصّلة، أو نزاعات بين الشركاء، أو صورة مشوشة أمام المستثمرين.


تجارب من المحيط الإقليمي

لقد سبقتنا بعض الدول في تجاوز هذه التحديات. ففي المملكة العربية السعودية، أطلقت الجمعية السعودية للمراجعين والمحاسبين منصة "قوائم"، التي تتيح رفع القوائم المالية إلكترونياً وربطها بالجهات الضريبية والرقابية والبنوك. هذه الخطوة عززت الشفافية ووفرت بيانات دقيقة وساعدت في التخطيط الاقتصادي. ويملك الأردن اليوم فرصة مماثلة للسير في هذا الاتجاه عبر تطوير منصة وطنية موحدة، تكون تحت إشراف جمعية المحاسبين القانونيين الاردنيين، لتصبح نقطة تحول في تاريخ المهنة وتفتح الباب أمام عصر جديد من الثقة والشفافية.


الحلول المقترحة

نؤمن بضرورة الإصلاح على كل المستويات في الدولة، ومن بينها ما اعلن عنه وزير الدولة للشؤون الاقتصادية عن البرنامج التنفيذي لخطة التطوير الاقتصادي في مرحلته الثانية، وهو برنامج مليء بالتفاؤل الذي يمكن للمواطن أن يلمسه قريبا، لكن تبقى كل الإجراءات منقوصة في منظومة الاقتصاد الوطني دون تطوير هذا القطاع الحيوي والمهم.

إن الطريق نحو إصلاح شامل في هذا القطاع الحيوي يبدأ من الاعتراف بأهمية دوره في حماية الاقتصاد الوطني. ويتطلب الأمر بناء منظومة متكاملة تُعيد الاعتبار لمكانة المحاسب القانوني (مدقق الحسابات). فالخطوة الأولى تتمثل في أتمتة التعاملات المحاسبية وربطها بمنصة إلكترونية موحدة تضمن دقة البيانات واتاحتها لجميع الجهات ذات العلاقة. ويجب أن يواكب ذلك تبني الأدوات التكنولوجية الحديثة في أعمال التدقيق، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والأنظمة التنبؤية التي تقلل من المخاطر وتزيد من كفاءة العمل. ومن الضروري أيضاً مراجعة التشريعات الناظمة للمهنة وتحديثها، مع تعزيز الرقابة وحماية حقوق المهنيين الملتزمين. كما أن الوعي المجتمعي بدور المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) ينبغي أن يتم تعزيزه، ليُدرك المستثمر ورجل الأعمال أن المحاسب القانوني (مدقق الحسابات) هو الضامن لنزاهة استثماراته واستمرارية أعماله.


الخاتمة

إن الاقتصاد الحديث لا يقوم فقط على المشاريع والاستثمارات، بل على الثقة. والثقة تبدأ من رقم صحيح. والمحاسب القانوني (مدقق الحسابات) هو الضامن لهذا الرقم، وهو الشريك الصامت الذي يحمي اقتصادنا الوطني من المخاطر ويعزز بيئة الاستثمار، ليبقى حجر الزاوية في مسيرة الإصلاح الاقتصادي والتنمية المستدامة.


المحاسب القانوني شريك صامت في حماية الاقتصاد الوطني
MATALQA CPAs September 3, 2025
Share this post
Tags
Archive
Are You Overpaying Taxes? Here's What Jordanian CEOs Must Know
TAXES